the Arab Bloggers |
نحنُ المدونون العرب المجتمعون في تونس الحرة، بعد أن أدركنا منذ لقاءنا الأولِ عِظَمَ افتقادنا للقاء و فرحتنا به و حماسنا لتكراره، قد قدِمنا من أرجاء العالم العربي لنتحاور و نتعارف و لنتبادل خبرات الثورة، و حكايات الانتصارات و دروس الانكسارات، و لنتعلم و ننسج شبكات التعاون و التنسيق عبر مجتمعات العالم العربي، عازمين على أن ننفخ نار العافية في جذوة الثورة المتقدة في أرواح العرب جميعا مُنطلقين من إيمان لم يبرحنا قطُّ بأننا شركاء في هذا العالم و هو إيمان شعرنا به يملأ كل ساحات الحرية و ميادين التحرير.
نحن جِيلٌ ألِف التواصل مع العالم ليُبدع و يخلق دون أن يعبأ بحدود. في منطقتنا العربية اصطُنِعَت حدودٌ فما كانت سوى عائقٍ أمام التنمية، و مبررا لِنَزعاتٍ شوفينية أذكتها حكومات عاجزة، و لِتُفقر مجتمعات و تُقوِّضَ أنماط حياة ازدهرت لقرون قبلها، بلا بديل مُجدٍ مطروحٍ. اليوم و نحن نصنع ثورات تنطلق من حواضر البلاد العربية و ريفها و بواديها فإننا نتطلع إلى وطن عربي تحكمه الشعوب من البلديات و القُرى و الضَّيعات، لا ضلالاتُ مؤامراتٍ و لا مُمانعاتُ قصورِ رياسةٍ، و لا عسكر. موقنين أن الشعوب بطبيعتها تميل إلى التواصل و فتح الحدود أمام الناس بعد أن زالت بفعل الواقع الحدودُ عن الأفكار، و حتى عن التنظيمات.
مع هذا فإن أحدَ عَشر مقعدًا خاويا في قاعة اجتماعنا لا تنفك تُذكّرنا بأن رفاقا لنا فلسطينيون لا يزالون يُقاسون قمع المستعمر في فلسطين، لكن المؤسف حقا هو أن مانِعَهم عنّا ليس سوى عجزٍ موروثٍ و تواطؤ انطبعت عليه مؤسسات دُولنا ما كان له أن يستمر إلى اليوم، نراه في تونس كما نراه في مصر، و نأمل ألا نراه في غيرهما بعد اليوم و لا فيهما.
يُغضبنا ذِكرُ رِفاقٍ لنا مُطاردون و مقموعون في بلادهم؛ منهم علي عبد الإمام و عبدالجليل السنجيس و حسن سلمان أبو علي في البحرين، و مايكل نبيل سند في مصر، و حسين دِرَخشان في إيران، لا لشيء غيرَ تعبيرهم عن آراءهم و إفصاحهم عما يشغلُهم و أقرانَهم،و هو قمع لا يقع على المدونين و النشطاء وحدهم و إن كانوا هم أكثر عزما على تحدّيه.
إلا أننا لم نستغرب بتاتا تجاهل وسائل الإعلام لقضايا المضطهدين. إذ أن الدافع وراء كوننا مدونين في المقام الأول هو ضعف ثقتنا في وسائل الإعلام تلك و نأينا عن الاتكال عليها في نقل واقع مجتمعاتنا بمشكلاتها و تطلعاتها، فنحن الصحافيون المواطنون و المحللون المجهولون نصنع المادة التي منها تستقي مؤسسات الإعلام، و نصوغ بمحاوراتنا الجمعية الخطاب الذي عليه تقوم ثورات، آملين أن تتعدد منابر الإعلام المستقل و تتكاثر و تتطور، ففي تنوعها و تعددها تكمن آليات توازنها و حَيدَتِها، و ضمان ألا تُهمَل حركةُ تحررٍ و لا ثورة و لا انتفاضة و لا دعوة إصلاح في أي من أركان العالم العربي و محيطه بأي ذريعة كانت، فئوية أو طائفية، و لا بأي مبرر سياسي مُختَلَقٍ و لا تحت ضغوط مُلْكِيّاتٍ و لا مَلَكِيّاتٍ و لا قوى حكومات عظمى أو إقليمية.
كما تقلقنا دوما و أبدا مساعي حكومات وشركات إلى السيطرة على وسائل الاتصال و تواطؤ مشغلي الشبكات و مقدمي خدمات الاتصال على جماهير مستخدميها، بخاصة منهم النشطاء، و نتطلع إلى إنترنت حرة محايدة مفتوحة أمام الجميع لا تُميّز بين استخدام و غيره، يكون الإبداع فيها على أطرافها كما كانت في بداياتها التي جعلتها ما هي عليه الآن، بلا أسوار تقنية و لا حواجز تنظيمية سوى الحد الأدنى المطلوب لاتساقها و تسيير عملها، و بلا رقابة فيها غير ما يختار المستخدمون أنفسهم حجبه عن أنفسهم و ذويهم الذين يعولونهم.
و نحن إذ نختتم لقائنا هذا و قد جددنا أواصر صداقتنا و رفقة نضالاتنا فإننا نعود إلى أوطاننا أو من حيث جئنا لنعاود الانصهار في
مجتمعاتنا؛ نسير في شوارع بلداتنا و أحيائها لا يميزنا سوى أمل في قلوبنا و ثقة في قدرتنا و اطمئنان إلى تضامننا.
No comments:
Post a Comment